يوم عرفة

قال رسول الله  : ” الحج عرفة ” متفق عليه، ويوم عرفة هو يوم التاسع من ذي الحجة وسمي بيوم عرفة لوقوف الحجاج فيه بعرفة، ومن فضائل وشرف هذا اليوم:

  أن الله انزل فيه على رسوله  آية ختم الله بها الدين، وأتمَّ بها النعمة على عباده فقال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}  سورة المائدة:3 .

  هو يوم أقسم الله به خصوصاً، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُود ٍ} سورة البروج:3 ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة ” صححه الألباني.

  ورد في فضل صيامه – لغير الحاج – أنه يكفر ذنوب سنة ماضية وسنة باقية؛ فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال:” صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده  “ رواه ابو قتادة وصححه الألباني.

  ويوم عرفة هو أكثر يوم يعتق الله فيه رقاب عباده من النار، ويباهي بهم ملائكته فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء ” اخرجه مسلم.

أعمال يوم عرفة:

1- التوجه الى عرفات

  يصلى الحاج صبح هذا اليوم بمنى ثم ينتظر إلى طلوع الشمس اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر “ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس” صحيح مسلم، فإذا طلعت الشمس توجه إلى عرفة موطن الحج الأكبر، ويكثر من التلبية والتكبير وهو في طريقه.

  ويسن للحجاج النزول بنمرة في بطن الوادي إلى الزوال ( وقت الظهر) إن تيسَّر ذلك؛ لفعل النبي  ذلك، فإذا زالت الشمس سن للإمام أو نائبه أن يخطب الناس خطبة تناسب الحال، يبين فيها ما شرع للحاج في هذا اليوم وبعده، ويأمرهم فيها بتقوى الله وتوحيده، والإخلاص له في كل الأعمال، ويحذرهم من محارمه.. وغير ذلك.

  ثم يصلى الضهر والعصر جمعاً وقصراً بآذان واحد وإقاماتين.

2- الوقوف بعرفة:

ثم ينطلق الى عرفة حيث الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم. ووقت الوقوف بعرفة هو من بعد الزوال الى بعد غروب الشمس كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويجب على الحاج أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة من وقت وصوله الى أن تغرب الشمس فمن وقف خارج الحدود فقد فاته الحج بإجماع الفقهاء حتى وإن أتم باقي المناسك. ومن ترك عرفة قبل الغروب فعليه دم يُذبح في مكة لفقرائها.

3- الاجتهاد في الدعاء:

قال صلى الله عليه وسلم:

” خير الدعاء يوم عرفة، و خير ما قلت أنا و النبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك، وله الحمد، و هو على كل شيء قدير”
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم : 3274 | خلاصة حكم المحدث : حسن

ليس للحاج عملٌ في هذا الموقف بعد حمد الله والثناء عليه إلا الدعاء والتضرع الى الله عز وجل رافعاً أكف الضراعة اليه يسألة حاجته كلها ، وكذلك الإكثار من الذكر، والصلاة والسلام على النبي، وقراءة القرآن.

– ويجوز الدعاء راكباً وماشياً، وواقفاً أو جالساً، أو مضطجعاً، في الخيمة أو في العراء على أي حال كان، ويسن إستقبال القبلة ما أمكن ويختار الجوامع من الأدعية.

– وأختر من الأدعية ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،  وأدعو لنفسك بما شئت، وأدعو لأهلك وولدك وأخوانك ولعامة المسلمين، وأسأل الله ما شئت من خيري الدنيا والآخرة والح على الله في مسألتك، ولا ترفع صوتك بالدعاء فرفع الصوت إنما يكون في التهليل والتكبير وفقط.

4- الدفع الى مزدلفة:

  بعد غروب شمس يوم عرفة فسر في هدوء وسكينة إلى مزدلفة كما قال الله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (سورة البقرة:198)، ولا يجوز أن يترك الحاج عرفة قبل الغروب.

فإذا وصلتها صل بها المغرب والعشاء جمعاً، إلا أن تصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة، فإنك تصلي المغرب في وقتها والعشاء في وقتها، وتبيت فيها، وإن خشيت ألا تصل الى مزدلفة إلا بعد نصف الليل، فإنه يجب أن تصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى ما بعد نصف الليل.

فوائد هامة: 

– عرفة هو ركن الحج الأكبر، لذكل عليك التأكد أنك موجود داخل حدود عرفة كما توضح اللافتات والعلامات هناك، وانتبه الى أن وادى عرنه وجزء من مسجد نمرة يقع خارج حدود عرفة.

– الأصل الوقوف بعرفة من بعد الزوال الى بعد الغروب، ومن غادر عرفه قبل الغروب فعليه دم. ومن لم يستطع الوصول الى هناك الا بعد الغروب فإن ذلك يجزئه وحجه سليم إن أتم باقي النسك.

– لا يشترط الطهارة للوقوف بعرفة والمرأة الحائض والنفساء لايمنعها ذلك من الوقوف بعرفة والدعاء.

– لا تضيع وقتك بالحديث في امور الدنيا مع رفاقك، ولا على هاتفك، واشتغل بالدعاء واجتهد أن تخلص فيه لله، وإقتدِ برسول الله  الذي ظل رافعاً يديه يدعوا الله تعالى ويتضرع اليه منذ انتهى من الخطبة وحتى غربت الشمس، قد لا نقوى نحن على ذلك ولكن اجتهد قدر استطاعتك.

– لا تكثر من الطعام والشراب من الليلة السابقة واكتف بما يُقم صلبك، حتى لا يضيع وقتك في دخول دورات المياه واحياناً يطول الصف ويكون عليك الأنتظار مدة طويلة مما يكون صعباً على البعض.

– عند النفر من عرفة يكون الزحام شديداً فعليك بالهدوء والسكينة والرفق بكبار السن والشيوخ والصغار والنساء، وابتعد عن كل ما يستثير غضبك وكن هادئاً حتى لا تنطق أو تقدم على فعل يُفسد حجك، ولاتزاحم أو تدفع أحداً وساعد إخوانك قدر استطاعتك، وتحلى بالصبر.

روابط ذات صلة: