أحكام الدفن والمقابر

حكم دفن الميت:

  • لا خلاف في وجوب دفن الميت في المقابر، وكذلك دفن غير المسلم اذا مات بين المسلمين ولم يكن له من يتولى دفنه ولكنه لايدفن في مقابر المسلمين.
  • يدفن كل ميت في قبر خاص به، ويكره دفن أكثر من ميت في القبر الواحد إلا اذا اقتضت الحاجه كأن يكون هناك عدد كبير من الموتى ويتعذر حفر قبر منفصل لكل واحد كما حدث مع شهداء أُحد، وقاس العلماء عليه عند حدوث كوارث طبيعية كالزلازل أو طاعون او ما شابه.
  • من السنة دفن الميت في اقرب مقبرة ويكره نقله الى بلد آخر.
  • أجاز بعض الفقهاء دفن الكتابية في مقار المسلمين إن ماتت وفي أحشائها جنين لأب مسلم.

أمور يجب مراعاتها عند دفن الميت:

وقت الدفن:

لا يجوز الدفن عند بزوغ الشمس، والنصف ساعة قبل الزوال (قبل الظهر)، وحين تميل الشمس للغروب (قبيل الغروب) وفى الليل (بعد العشاء) إلا لضرورة، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال :

” ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ”.
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

دفن المرأة:

يراعى عند إنزال المرأة قبرها أن يتولى ذلك زوجها، ومحارمها، ثم اتقى الموجودين من الرجال على الا يكون بينهم من عاشر اهله من ليلته وذلك لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

” شَهِدْنَا بنْتًا لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ علَى القَبْرِ، قالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمعانِ، قالَ: فَقالَ: هلْ مِنكُم رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ فَقالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قالَ: فَانْزِلْ قالَ: فَنَزَلَ في قَبْرِهَا”.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

كيفية الدفن:

  • يسن تعميق القبر ليأمن على الميت من السّباع ، ومن خروج رائحته، وإن تيسر اللحد فهو أفضل، وإلا فالشق. ثم يسد فتحة اللحد باللِبن ، وما بين اللبن بالطين. فقد روي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:

” اللحدُ لنَا، و الشِّقُ لغيرِنا” .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير | الصفحة أو الرقم : 7728 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (3208)، والترمذي (1045)، والنسائي (2009)

  • يُدخل الميت الى قبره من جهة قدميه اولاً، ويقول من يُنزِلونه ” بسم الله، وعلى ملة رسول الله”.

” أوصى الحارثُ أن يُصلّي عليه عبد اللهِ بن يزيدٍ فصلّى عليهِ ثم أدخلهُ القبرَ من قبلِ رجليْ القبرِ وقال هذا مِنَ السنةِ”.
الراوي : عبدالله بن زيد | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود

  • يوضع الميت ووجهه للقبلة، ويسن أن يكون ذلك على جانبه الأيمن، ويستحب أن يُسند الميت من ورائه بتراب أو لَبِنٍ ، أو غير ذلك.
  • بعد وضع الميت نقوم بفك الأربطة الموجودة حول الكفن ثم يُسن للحاضرين أن يحثوا في قبره ثلاث حَثَيَاتٍ تراب من قِبَل رأسِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ.
  • ثُم يُهال التراب على الميت حتى يعلو قدر شبر عن سطح الأرض، ليُعلم أنه قبر فلا يُهَان، ويكون مُسَنماً ، أي على هيئة سنام البعير، ويجوز أن يعلم القبر بحجر أو نحوه ليدفن إليه من يموت من أهله.
  • على الحاضريين الإكثار من الإستغفار والدعاء للميت مع إخلاص النية، وأن يسألوا الله له التثبيت فإن هذا ينفعهُ كثيراً. وهكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمر أصحابه:

” كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، إذا فرغَ مِن دفنِ الميِّتِ وقفَ علَيهِ ، فقالَ : استغفِروا لأخيكُم ، وسَلوا لَهُ التَّثبيتَ ، فإنَّهُ الآنَ يُسأَلُ”.
الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود 

القاء موعظة على الحاضرين:

من السُنة بعد أن ينتهي دفن الميت وتغطية القبر أن يقوم أحد الموجودين بالقاء موعظة على الحاضرين عن الموت وكيفيته وحقيقة الحياة الدنيا كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رُوي عن البراء بن عازب حديث شامل كامل لمثل هذا الموقف:

” خَرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جِنازَةِ رَجُلٍ من الأنصارِ، فانتَهَيْنا إلى القَبرِ، ولمَّا يُلحَدُ، فجَلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجَلَسْنا حَولَه، وكأنَّ على رُؤوسِنا الطَّيرُ، وفي يَدِه عُودٌ يَنكُتُ به في الأرضِ، فرَفَعَ رأسَه، فقال: استَعيذوا باللهِ من عَذابِ القَبرِ مرَّتينِ أو ثلاثًا، ثم قال: إنَّ العبدَ المُؤمِنَ إذا كان في انقطاعٍ من الدُّنيا، وإقبالٍ من الآخِرَةِ، نَزَلَ إليه ملائكَةٌ من السَّماءِ بِيضُ الوُجوهِ كأنَّ وُجوهَهم الشَّمسُ معهم كَفَنٌ من أكفانِ الجَنَّةِ وحَنوطٌ من حَنوطِ الجَنَّةِ حتى يَجلِسوا منه مَدَّ البَصَرِ، ويَجيءُ مَلَكُ المَوتِ عليه السَّلامُ حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه، فيقول: أيَّتُها النَّفْسُ الطيِّبَةُ اخْرُجي إلى مَغفَرَةٍ من اللهِ ورِضْوانٍ، قال: فتَخرُجُ فتَسيلُ كما تَسيلُ القَطرَةُ في السِّقاءِ فيَأخُذُها، فإذا أخَذَها لم يَدَعوها في يَدِه طَرفَةَ عَينٍ حتى يأخُذوها فيَجعَلوها في ذلك الكَفَنِ، وفي ذلك الحَنوطِ، ويَخرُجُ منها كأطيَبِ نَفحَةِ مِسكٍ وُجِدتْ على وَجهِ الأرضِ، قال: فيَصعَدون بها، فلا يَمُرُّون على مَلَأٍ من الملائكَةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرُّوحُ الطيِّبَةُ؟ فيقولون: فُلانُ بنُ فُلانٍ بأحسَنِ أسْمائِه التي كانوا يُسمُّونَه بها في الدُّنيا حتى يَنتَهوا بها إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيَستَفتِحون لهم فيُشيِّعُه من كُلِّ سَماءٍ مُقرَّبوها إلى السَّماءِ التي تَليها حتى يُنتَهى بها إلى السَّماءِ السابعةِ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكْتُبوا كتابَ عبدي في عِلِّيينَ، وأَعيدوه إلى الأرضِ [فإنِّي منها خَلَقْتهم، وفيها أُعيدُهم، ومنها أُخرِجُهم تارَةً أخرى، قال: فتُعادُ رُوحُه] في جَسَدِه، فيَأتيهِ مَلَكانِ، فيُجلِسانِه، فيَقولانِ [له]: مَن رَبُّك؟ فيقولُ: ربِّيَ اللهُ، فيَقولانِ: ما دِينُكَ؟ فيقولُ: دِينيَ الإسلامُ، فيَقولانِ له: ما هذا الرَّجُلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقولُ: رسولُ اللهِ، فيَقولانِ له: ما عَمَلُك؟ فيقولُ: قَرَأتُ كِتابَ اللهِ، وآمَنتُ به، وصدَّقتُه، فيُنادي مُنادٍ من السَّماءِ أنْ صَدَقَ عَبدي، فافْرِشوا له من الجَنَّةِ، وأَلْبِسوه من الجَنَّةِ، وافْتَحوا له بابًا إلى الجَنَّةِ، قال: فيَأتيهِ من رَوحِها وطيبِها ويُفسَحُ له في قَبرِه مَدَّ بَصَرِه، قال: ويَأْتيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الوَجهِ، حَسَنُ الثِّيابِ، طيِّبُ الرِّيحِ، فيقولُ: أَبشِرْ بالذي يَسُرُّك، هذا يَومُك الذي كُنتَ تُوعَدُ، فيقولُ: مَن أنتَ، فوَجهُك الوَجهُ يَجيءُ بالخَيرِ، فيقولُ: أنا عَمَلُك الصالِحُ، فيقولُ: ربِّ، أَقِمِ الساعَةَ حتى أَرجِعَ إلى أهْلي ومالي، وإنَّ العبدَ الكافِرَ إذا كان في انقطاعٍ من الدُّنيا، وإقبالٍ من الآخِرَةِ، نَزَلَ ملائكَةٌ، سُودُ الوُجوهِ، معهم المُسوحُ، فيَجلِسونَ منه مَدَّ البَصَرِ، ثم يَجيءُ مَلَكُ المَوتِ حتى يَجلِسَ عندَ رَأسِه، فيقولُ: أيَّتُها النَّفْسُ الخَبيثةُ، اخْرُجي إلى سَخَطٍ من اللهِ وغَضَبٍ، فتُفرَّقُ في جَسَدِه، فيَنزِعُها كما يُنزَّعُ السَّفُّودُ من الصُّوفِ المَبْلولِ، فيَأخُذُها، فإذا أخَذَها، لم يَدَعوها في يَدِه طَرفَةَ عَينٍ حتى يَجعَلوها في تلك المُسوحِ، ويَخرُجُ منها كأنتَنِ جِيفَةٍ وُجِدتْ على وَجهِ الأرضِ، فيَصعَدون بها، فلا يَمُرُّون بها على مَلَأٍ من الملائكَةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرِّيحُ الخَبيثةُ، فيقولون: فُلانُ بنُ فُلانٍ بأقبَحِ أسمائِه التي كان يُسمَّى بها في الدُّنيا حتى يُنتَهى بها إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيُستَفتحُ له، فلا يُفتَحُ له، ثم قَرَأَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكْتُبوا كِتابَه في سِجِّينَ في الأرضِ السُّفْلى، ثم تُطرَحُ رُوحُه طَرحًا، ثم تَلا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]، فتُعادُ رُوحُه في جَسَدِه، ويَأْتيهِ مَلَكانِ، فيُجلِسانِه، فيَقولانِ له: مَن رَبُّك؟ فيَقول: هاهْ هاهْ لا أدْري، [فيَقولانِ له: ما دِينُك؟ فيقول: هاهْ هاهْ لا أدْري]، فيُنادي مُنادٍ من السَّماءِ: أنْ كَذَبَ، فافْرِشوه من النَّارِ، وافْتَحوا له بابًا إلى النَّارِ، فيَأْتيهِ من حَرِّها وسَمومِها، ويُضيَّقُ عليه قَبرُه حتى تَختلِفَ فيه أضلاعُه، ويَأْتيهِ رَجُلٌ قَبيحُ الوَجْهِ، قَبيحُ الثِّيابِ، مُنتِنُ الرِّيحِ، فيقولُ: أَبشِرْ بالذي يَسُوؤكَ، هذا يَومُك الذي كُنتُ تُوعَدُ، فيقولُ: مَن أنتَ؟ فوَجهُك الذي يَأْتي بالشَّرِّ، فيقولُ: أنا عَمَلُك الخَبيثُ، فيقولُ: رَبِّ، لا تُقِمِ الساعَةَ”.
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم : 3/52 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح
التخريج : أخرجه أبو داود (4753)، وأحمد (18557) ،  وابن ماجه (1549).