الإمامة والإمام

من أحق بالإمامة:

في المسجد:

 الإمام الراتب إلا أن يأذن هو لغيرة ممن يرى أنه كفء لذلك.

في الدار:

 يؤم الجماعة صاحب الدار إلا أن يأذن لغيره أو يؤمهم غيره إن كان لايحسن الإمامة. قال صلى الله عليه وسلم:

” لا يُؤَمُّ الرَّجلُ في سلطانِهِ ولا يُجلَسُ على تَكرِمتِهِ في بيتِهِ إلَّا بإذنِهِ”.
الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي

اثتان أو أكثر:

إذا اجتمع مسلِمين او أكثر للصلاة في سفر أو على الطريق أو في مسجد بعد جماعة الإمام فيؤم المصلين من هو أكثر حفظاً للقرآن الكريم، فإن تساوى اثنان أو أكثر في الحفظ يٌقدم أعلمهم بالسنة، فإن تساوى في ذلك اثنين أو أكثر يقدم أقدمهم إسلاماً (اكبرهم سناً). وقد استدل العلماء على هذا الترتيب من حديث ابي مسعود الأنصاري عقبة بن عمرو الذي قال: أن رسول الله عليه وسلم قال:

” يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فإنْ كَانُوا في القِرَاءَةِ سَوَاءً، فأعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ سِلْمًا … الحديث”.
الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

” أَتَيْنَا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فأقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أنَّا اشْتَقْنَا أهْلَنَا، وسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا في أهْلِنَا، فأخْبَرْنَاهُ، وكانَ رَفِيقًا رَحِيمًا، فَقَالَ: ارْجِعُوا إلى أهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ ومُرُوهُمْ، وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وإذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ”.
الراوي : مالك بن الحويرث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

إمامة الصبي:

أجاز بعض الفقهاء إمامة الصبي للرجال إن كان أحفظهم لكتاب الله وعلى دراية تامة بكيفية الصلاة وذلك لما ثبت في الصحيح عن عمرو بن سلمة قال:

” كنا بحاضر يمر بنا الناس إذا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا مروا بنا فأخبرونا أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا وكنت غلاما حافظا فحفظت من ذلك قرآنا كثيرا فانطلق أبي وافدا إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة فقال يؤمكم أقرؤكم وكنت أقرأهم لما كنت أحفظ فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة صفراء فكنت إذا سجدت تكشفت عني فقالت امرأة من النساء واروا عنا عورة قارئكم فاشتروا لي قميصا عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين”.
الراوي : عمرو بن سلمة | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود

وقد ذهب فريق من الفقهاء الى أنه لايجوز وذلك لأن صلاة الصبي الذي لم يبلغ الحُلُم له كالنافلة حيث أنه غير مكلفٍ بعد وأما المأمومون فيصلون فريضة واجبة في حقهم ولما كان مذهبهم أنه لايجوز أن يأتم مفترض بمتنفل، فعليه لم يُجيزوا إمامة الصبي.


أمور ينبغي على الإمام مراعاتها:

  1. أن يكون على دراية تامة بأحكام الصلاة والاستخلاف، يحفظ من القرآن ولو يسيراً وأن يكون على دراية بأحكام التجويد.
  2. أن يبتعد عن التلحين الزائد والذي قد يُخرج اللفظ عن معناه مما يُبطل الصلاة.
  3. عليه التحلى باللين والرفق ومكارم الأخلاق ويتذكر دائماً أنه قدوة للناس، وأن يتجنب الغلظة مع الناس ويَحذَر الكِبر والغُرور.
  4. يجب على الإمام أن يتأكد من تسوية الصفوف وإتمامها قبل الشروع في الصلاة بنفسه وإن إمتلأ المسجد بالمصلين فإنه ينيب عنه من يثق به ليتأكد من تمام تسوية الصفوف الخلفية كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن النعمان بن بشير قال:

    ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا . حتى كأنما يسوي بها القداح . حتى رأى أنا قد عقلنا عنه . ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر . فرأى رجلا باديا صدره من الصف . فقال ” عباد الله ! لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم “).
    الراوي : النعمان بن بشير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

  5. ألا يطيل القراءة وأن يخفف في صلاته: روى أبو مسعود عقبة بن عمرو أن رجلاً قال :

    ( قالَ رَجُلٌ يا رَسولَ اللَّهِ، لا أكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ ممَّا يُطَوِّلُ بنَا فُلَانٌ، فَما رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَوْعِظَةٍ أشَدَّ غَضَبًا مِن يَومِئِذٍ، فَقالَ: ” أيُّها النَّاسُ، إنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فمَن صَلَّى بالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فإنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، والضَّعِيفَ، وذَا الحَاجَةِ”).
    الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

  6. من السنة إطالة الركعة الأولى: وذلك ليدرك الجماعة أكبر عدد من المصلين، عن أبي سعيد الخدري قال:

    ” لقَدْ كانَتْ صَلاةُ الظُّهْرِ تُقامُ فَيَذْهَبُ الذّاهِبُ إلى البَقِيعِ فَيَقْضِي حاجَتَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ. ثُمَّ يَأْتي ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى ممَّا يُطَوِّلُها”.الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

  7. يستحب للإمام بعد أن يُسلم أن يقبل على المأمومين بوجهه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ولا يستحب للإمام القيام قبل الإتيان بأذكار الصلاة، بل إن قيامه قبل ذلك يفوت عليه الكثير من الأجر.

الفتح على الإمام:

الفتح على الإمام هو تلقينه الآيةَ عند التوقُّف فيها، أو خطئه خطئاً بيناً يغير المعنى، وقد تباينت اراء الفقهاء بين وجوب ذلك، وإستحبابه، وقد جاء في الحديث الصحيح:

” أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى صلاةً فقرأ فيها، فلُبِّس عليه، فلما انصرف قال لأُبَيٍّ: أصلَّيتَ معنا؟ قال: نعم. قال: فما منعك؟”.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود

” سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، يقرأُ في الصلاةِ، فترك شيئًا لم يَقرأْهُ، فقال له رجلٌ : يا رسولَ اللهِ تَرَكْتَ آيةَ كذا وكذا، قال : فَهَلَّا أَدْرَكْتُمُونِيهَا ؟ زاد مُحَمَّدُ بنَ يَحْيَى، فقال : كنتُ أَرَاها نُسِخَتْ .
الراوي : المسور بن يزيد الأسدي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن خزيمة


أمور ينبغي على المأمومين مراعاتها:

  1. الاحترام والتوقير فالإمامة شئ عظيم في الإسلام والإمام له أفضلية لاتخفى على مسلم، وإن رأى من الإمام خطأً فلينصحه مع مراعاة آداب النصيحة وآداب المساجد.
  2. أحق الناس بالصف مما يلي الإمام مباشرة أوٌلوا الأحلام والنُهى من أهل العقل والدين والعلم والرشاد لقوله صلى الله عليه وسلم:

    ” لِيَلِنِي مِنكُمْ، أُولو الأحْلامِ والنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلاثًا، وإيَّاكُمْ وهَيْشاتِ الأسْواقِ”.الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

  3. على المأمومين في الصلاة متابعة الإمام وعدم الإختلاف عليه قال :

    ” إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ”.الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

  4. يُحرّم تماماً سبق الإمام في أي شئ قال رسول الله :

    ” أَما يَخْشَى أحَدُكُمْ -أوْ: لا يَخْشَى أحَدُكُمْ- إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ، أنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟! أوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ”.الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري


فوائد هامة:

إذا دخل واحد المسجد بعد انتهاء الجماعة فيستحب لأحد الذين انتهوا من الصلاة أن يتصدق عليه ليناله ثواب الجماعة فيصلى معه نافلته والأولى بالامامة حينئذٍ هو من فاته الفرض مع الجماعة ويكون المتنفل مأموماً.

إذا طرأ عارض للإمام كأن أحدث أو شعر بتعب لايستطيع معه إتمام الصلاة، أو غير ذلك فعليه أن يتأخر ويستخلف من المصلين من يراه كفئاً فيقدمه مكانه كما فعل عمر بن الخطاب حين طعنه أبولؤلؤة المجوسي وهو يصلى بالمسلمين الصبح ، فجذب عبد الرحمن بن عوف وقدمه مكانه ليكمل الصلاة بالمسلمين.

اما إذا مات الإمام او أغمي عليه فليُقدم المصلين من يصلح منهم للإمامة ليكمل بهم الصلاة ويكون ذلك بالإشارة وليس بالكلام فالحديث أثناء الصلاة يُبطل الصلاة، وعلى الإمام المُستخلف أن يُخفف الصلاة وتكون الصلاة حينئذ صحيحة، وعند المالكية فإن المصلين مُخيرون إما أن يقدموا أحدهم لإكمال الصلاة أو يكملوا صلاتهم فرادى، إلا أن تكون صلاة الجمعة حينئذ يلزمهم أن يقدموا واحداً يؤمهم حيث ان الجماعة شرط للجمعة.

يجوز لمن فاتته صلاة أن يصليها قضاء خلف إمام يصلي حاضرة فمن فاتته الظهر ووجد إماماً يصلي العصر صح له أن يدخل معه الصلاة بنية الظهر.

مسألة “اختلاف نية الإمام والمأموم” وهي أن يصلى أحد الفريضة خلف متنفل أو العكس، أو كأن يصلى مُقيم خلف إمام مسافر أو العكس، في هذه المسألة خلاف مشهور عند الفقهاء نذهب فيه الى ما قاله الإمام النووي رحمه الله في المجموع: ( تصح صلاة النفل خلف الفرض والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا).

إذا دخل أحد المسجد والصلاة قد اُقيمت والإمام يقرأ  فعليه بعد تكبيرة الإحرام أن يقرأ الفاتحة ولا ينشغل بدعاء الإستفتاح مخافة أن يركع الإمام قبل أن يتم هو الفاتحة إلا إن غلب على ظنه أنه إذا قال الدعاء والتعوذ أدرك تمام الفاتحة استحب الإتيان بهم.

من دخل المسجد ووجد اثنين يصليان جماعة وأراد أن ينضم اليهما، فقد ذكر أهل العلم ومنهم الإمام النووي رحمه الله في المجموع: أنه يحرم عن يسار الإمام، ثم إن الإمام إن كانت أمامه سعة تقدم عنهما ليصطفا خلفه، فإن لم توجد سعة أمامه تأخر المأمومان، والأمر في ذلك واسع.

إذا اجتمع نسوة في مكان ما وحضرت الصلاة استحب أن تؤمهن أحداهن على أن تقف وسطهن وليس أمامهن كما هو الحال بين الرجال.