صلاة الاستخارة

متى تُشرع الاستخارة:

يستحب للمسلم أن يستخير الله عز وجل كلما عرض عليه في حياته امر مباح فيه خيار أو أكثر، مهما كان هذا الامر عظيماً أو صغيراً، ومن أمثلة ذلك: عمل أو سفر، أو شراء، أو بيع، أو زواج، أو دراسة، وما الى ذلك مما يعرض للمسلم في حياته. وأما الأمور الواجبة والمستحبة فلا يستخير المسلم في فعلها، وكذلك الحرام والمكروه فلا يحتاج لاستخارة لتركها.

” كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ؛ يقولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُل: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ”.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

كيفية صلاة الاستخارة:

يصلى المسلم ركعتين من غير الفريضة بنية الإستخارة، ويجوز أن تستخير بعد سنة راتبة أو صلاة ضحى أو غيرها من النوافل، والسنة أن يقرأ في الأولى الفاتحة والكافرون، وفي الثانية الفاتحة والإخلاص ويجوز أن يقرأ غير ذلك، وبعد أن يسلم يحمد الله ويثني عليه ويصلى ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأفضل ذلك الصلاة الإبراهمية). وعليك أن تجمع قلبك أثناء الدعاء وتتدبر وتفهم معانيه العظيمة .

ويرفع يديه متضرعاً الى الله بدعاء الإستخارة ونصه:

 ” اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ تقول عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ تقولَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ “.

فائدة:

لايجوز أن تصلي الاستخارة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها وعليك الانتظار حتى تحل الصلاة، أما إن كان أمراً عاجلاً يفوت إذا انتظرت فلك أن تدعوا بدعاء الاستخارة دون الصلاة وكذلك تفعل الحائض والنفساء.

ماذا بعد الاستخارة:

-بعد ساعات أو أيام قد ينشرح قلبك لأحد الأمرين أو تجد تيسيراً من الله تعالى تجاه أحد الأمرين، أو لاتجد شيئاً على الإطلاق عندئذٍ تعيد الصلاة مرة أخرى، وبعد عدة أيام إذا لم يبدُ لك شيئٌ فتعيد الصلاة للمرة الثالثة.

-أذا لم تجد إنشراحاً أو إنقباضاً في صدرك تجاه أحد الأمرين عندئذٍ تُعمل عقلك في الأمر ويستحب لك ايضاً أن تطلب المشورة من أصحاب الرأي والخبرة ممن ترى فيهم أنهم على صلاح وتقوى لله عز وجل.

-ربما يحدث لبعض أن الناس أن يرى في منامه بعد الإستخارة رؤيا توضح له الأمر أو ما شابه ذلك، فلا بأس أن يتجه نحو ما رأى كما أخبر النبي :

” إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُسْلِمِ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، ورُؤْيا المُسْلِمِ جُزْءٌ مِن خَمْسٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، والرُّؤْيا ثَلاثَةٌ: فَرُؤْيا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، ورُؤْيا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطانِ، ورُؤْيا ممَّا يُحَدِّثُ المَرْءُ نَفْسَهُ، فإنْ رَأَى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، ولا يُحَدِّثْ بها النَّاسَ”.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

-فإن لم يبدو لك شياً مطلقاً فلا تجعل هواك حاكماً عليك فيما تختاره، فربما الأصلح لك يكون في مخالفة ما تهوى نفسك، ولكن ليس كل الهوى من النوع السئ فالمؤمن دائماً يهوى الحلال والطاعة ويحب ذلك فإن كنت متجرداً تماماً من الميل لأحد الأمرين، فإتبع ما هوته نفسك متوكلاً على الله.

قال الله تعالى: { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } سورة البقرة : 216 .

-كما يجب على المستخير ترك اختياره رأسا وإلا فلا يكون مستخيرا لله ، بل ويكون غير صادق في طلب الخيرة من الله.