صلاة العيدين

حكم صلاة العيدين

اختلف العلماء في حكم صلاة العيد على ثلاثة أقوال: الأول: أنها سنة مؤكدة، والثاني: انها فرض كفاية – أي إن قام بها البعض سقطت عن الباقين وإن لم يقم بها أحد وقع الإثم على الجميع -، والقول الثالث: أنها واجبة على كل مسلم (ذكراً وأنثى) وهذا هو القول الراجح والله تعالى اعلم، وهو مذهب  الإمام أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن الإمام أحمد . واختاره  شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني رحمهما الله وكذلك الشيخان ابن باز وابن عثيمين عليهما رحمة الله، وقد استدل أصحاب هذا القول على وجوبها بما ورد ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد أمر بالخروج اليها حتى النساء وذلك في الحديث الصحيح الذي روته أم عطية الأنصارية قالت:

” عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قالَتْ: أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إحْدَانَا لا يَكونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِن جِلْبَابِهَا”.
الراوي : أم عطية نسيبة بنت كعب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
“العواتق”: جمع عاتق وهي الجارية التي بلغت الحُلم أو أوشكت واستحقت التزويج، “ذوات الخدور” = الأبكار.


وقت ومكان صلاة العيد

وقتها: من بعد وقت الشروق بعشرين دقيقة تقريباً ( إنقضاء وقت الكراهه) الى وقت الزوال ( دخول وقت الظهر)، ومن فاتته الصلاة جاز له أن يقضيها في هذا الوقت.

أما مكانها: فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم داوم على أدائها في الخلاء (المكان الفسيح) ولم يرد أبداً أنه صلاها في المسجد، وكذلك كان فعل الخلفاء الراشدين والتابعين عليهم رضوان الله اجمعين.


كيفية أدائها:

صلاة العيد ركعتان بدون أذان ولا إقامة، في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام يكبر الإمام سبع تكبيرات ويكبر خلفه المأمومون، وفي الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام من السجود يكبر الإمام خمس تكبيرات ومن خلفه المأمومين.

بعد التكبير يقرأ الإمام في كل ركعة الفاتحة وسورة وتكون القراءة جهرية، ويسن قراءة ﴿ سبح إسم ربك الأعلى ﴾، ﴿ هل أتاك حديث الغاشية ﴾، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه:

” كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ وفي الجُمُعَةِ بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَ{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. قالَ: وإذَا اجْتَمع العِيدُ وَالْجُمُعَةُ في يَومٍ وَاحِدٍ، يَقْرَأُ بهِما أَيْضًا في الصَّلَاتَيْنِ”.
الراوي : النعمان بن بشير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

بعد التسليم يخطب الإمام المصلين، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

” شَهِدْتُ العِيدَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ”.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.

وليس هناك صلاة قبلها ولابعدها، عن ابن  عباس رضي الله عنهما :

“أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ يَومَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا ولَا بَعْدَهَا ومعهُ بلَالٌ”.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

تكبيرات العيد

عيد الفطر:

والسنة في عيد الفطر أن يبدأ التكبير من وقت رؤية هلال شوال (أي بعد غروب شمس آخر أيام رمضان)، وينتهي ببدء صلاة العيد، ويكون التكبير في الفطر مطلقاً، فيكبر في السوق وفي الطريق وفي البيوت والمساجد ونحو ذلك. وليس هناك تكبير مقيد عقب الصلاوات.

قال الله تعالى: ﴿ … وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ البقرة185

ومن حديث أم عطية رضي الله عنها في رواية مسلم: ” كُنَّا نُؤْمَرُ بالخُرُوجِ في العِيدَيْنِ، وَالْمُخَبَّأَةُ، وَالْبِكْرُ، قالَتْ: الحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، يُكَبِّرْنَ مع النَّاسِ”.
الراوي : أم عطية نسيبة بنت كعب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

عيد الأضحى:

والتكبير في الأضحى نوعان: مقيد ومطلق، أما التكبير المقيد فيكون دبر الصلوات المكتوبات من صلاة صبح يوم عرفة الى عصر آخر أيام التشريق، وأما التكبير المطلق فيكون من حين رؤية هلال ذي الحجة وحتى آخر أيام التشريق، وهذا هو مذهب الجمهور والله تعالى أعلم.

قالى الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ البقرة203

وقال تعالى: ﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ الحج37

صيغ التكبير:

هناك صيغ عديدة للتكبير وردت عن بعض الصحابة وأخذ بها بعض الأئمة، والأمر فيه سعة ولله الحمد وهذا بعضٌ منها:

أشهر هذه الصيغ: (( الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله، الله اكبر الله اكبر ولله الحمد )).

(( الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله، الله اكبر الله اكبر ولله الحمد، الله اكبر كبيرا، والحمدلله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً )).

(( الله اكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله، الله اكبر الله اكبر ولله الحمد )).


فوائد هامة:

إذا وافق العيد يوم الجمعة:

إذا وافق أول أيام العيد يوم جمعة، فإنه يرخص لمن شهد صلاة العيد أن يترك حضور صلاة الجمعة ذلك اليوم إلا الإمام، فيجب عليه إقامتها بمن يحضر لصلاتها ممن قد صلى العيد وبمن لم يكن صلى العيد، فإن لم يحضر إليه أحد سقط وجوبها عنه وصلى ظهراً، واستدلوا بما جاء في الأحاديث الصحيحة عن فعل الصحابة:

” شَهدتُ معاويةَ بنَ أبي سفيانَ وَهوَ يسألُ زيدَ بنَ أرقمَ قالَ أشَهدتَ معَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عيدينِ اجتمعا في يومٍ قالَ نعم. قالَ فَكيفَ صنعَ قالَ صلَّى العيدَ ثمَّ رخَّصَ في الجمعةِ فقالَ من شاءَ أن يصلِّيَ فليصلِّ”.
الراوي : إياس بن أبي رملة الشامي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود

” عن عطاءَ اجتمعَ يومُ جمعةٍ ويومُ فطرٍ على عَهدِ ابنِ الزُّبيرِ فقالَ عيدانِ اجتمعا في يومٍ واحدٍ فجمعَهما جميعًا فصلاَّهما رَكعتينِ بُكرةً لم يزد عليْهما حتَّى صلَّى العصر
الراوي : عطاء بن أبي رباح | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود

ومن لم يحضر الجمعة ممن شهد صلاة العيد وجب عليه أن يصلي الظهر عملاً بعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الظهر على من لم يصل الجمعة .

المعتدة لا تخرج لصلاة العيد:

لا يجوز للمرأة المعتدة – عدة طلاق أو عدة وفاة – الخروج من بيت زوجها لعموم الحديث إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى عند المرض وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك ، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك ، وكذلك لو انهدم البيت ، فإنها تخرج منه إلى غيره، وعلى ذلك فإنها لاتخرج لتشهد العيد.