من يرخص لهم الفطر مع بيان الحكم

أولاً: من يرخص لهم الإفطار ويجب عليهم القضاء

1-المســـافر :

قال الله تعالى:

{… وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة 185

ومن الحديث الصحيح:

” عن عبدِاللهِ ابن عباس قال: إنَّ اللهَ يُحِبُّ أن تُتبعَ رخصُه ، كما يُحِبُّ أن تؤتى عزائمُه”.
الراوي : علقمة بن قيس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة

” كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا ورَجُلًا قدْ ظُلِّلَ عليه، فَقالَ: ما هذا؟ فَقالوا: صَائِمٌ، فَقالَ: ليسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ”.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

“أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إلى مَكَّةَ في رَمَضَانَ، فَصَامَ حتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بقَدَحٍ مِن مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حتَّى نَظَرَ النَّاسُ إلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فقِيلَ له بَعْدَ ذلكَ: إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قدْ صَامَ، فَقالَ: أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ. [وفي رِوايةٍ زاد]: فقِيلَ له: إنَّ النَّاسَ قدْ شَقَّ عليهمُ الصِّيَامُ، وإنَّما يَنْظُرُونَ فِيما فَعَلْتَ، فَدَعَا بقَدَحٍ مِن مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ”.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

وعليه فإن المسافر إن أفطر فلايجزؤه إلا القضاء أي يصوم الأيام التي أفطرها بعد انتهاء شهر رمضان، والمسافر له احدى الحالات الأربع التالية:

  • إذا لم يجد المسافر مشقة في الصيام ففي هذه الحالة يكون الصوم أفضل.
  • من كان يشق عليه الصيام في سفره عندئذ يكون الفطر أفضل في حقه.
  • اما من شق عليه بعض الشئ صار الصوم في حقه مكروهاً ؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل.
  • أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة فهنا يصبح الصوم في حقه حراماً .

2- المريض مرض يرجى شفـاؤه :

قال الله تعالى:

{… وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة 185

فمن منعه المرض من الصيام، أو أضطر الى أخذ دواء لابد له من أخذه في نهار رمضان، أو كان الصيام سببا في تأخر شفائه أو كان يشق عليه الصيام مع مرضه، فله أن يُفطر ذلك اليوم (الأيام)، وعليه القضاء .


3- الحــائض والنفســاء :

المرأة الحائض أو النفساء يحرم عليها أن تصوم وإن صامت كانت آثمة ولايجزئها صيامها وذلك باتفاق الفقهاء، وعليها أن تحسب الأيام التي لم تصمها، ثم تقضيها كاملة.

وفي الحديث الصحيح:

” سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ”.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

فائدة:

شاع بين النساء أن المرأة إذا وضعت فإنها تظل نُفساء اربعين يوماً لاتصلى ولا تصوم وهذا خطأ، والصواب أن المرأة متى توقف نزول الدم عنها ولو بعد يوم من الولادة فإن عليها أن تتطهر وتغتسل، ثم تصلى وتصوم . وأما الاربعون يوماً فتلك هي المدة القصوى التي حددها الفقهاء لكي تطهر المرأة وتصلى حتى وإن كان لايزال ينزل عليها بعض الدم على اختلاف انها تغتسل أو تتوضأ لكل صلاة.



ثانياً: من يرخص لهم الإفطار وتجب عليهم الفدية

1- الشيخ الكبير والمرأة العجوز :

قال الله تعالى:

{…وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ …} البقرة 184

وفي الحديث الصحيح:

” سَمِعَ ابْنَ عبَّاسٍ يَقْرَأُ (وعلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ)، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: ليسَتْ بمَنْسُوخَةٍ؛ هو الشَّيْخُ الكَبِيرُ والمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعانِ أنْ يَصُوما، فيُطْعِمانِ مَكانَ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينًا”.
الراوي : عطاء بن أبي رباح | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

وذلك عندما يتقدم العمر بالمرء قد لايقوى على الصيام أو يكون فيه هلاك عليه، فإنه عندئذ يرخص له في الفطر وعليه الفدية وهي طعام يكفي مسكين طوال يومه وذلك عن كل يوم أفطره.

2- أصحاب الأمراض المزمنة :

وعليه قال الفقهاء أن من عجز عن الصيام لمرض مزمن لايرجى شفاؤه فيجوز له أن يفطر وعليه فدية طعام يكفي مسكين طوال يومه وذلك عن كل يوم أفطره.



ثالثاً: من يرخص لهم الإفطار وعليهم القضاء أو الفدية

1- اصحاب الأعمال الشــــاقة :

{…وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ …} البقرة 184

وأصحاب الأعمال الشاقة التي لا يحتمل الصيام معها، مثل: عمال المناجم، أو الأفران ونحوهم ممن لا يستطيعون الصيام، فهؤلاء يفطرون، وعليهم إما القضاء أو الفدية، فإن استطاعوا القضاء في أوقات العطلات أو في فصل الشتاء فذاك أفضل، وإلا فإن عليهم فدية.

وعليهم عليهم أن ينووا الصيام قبل الفجر وألا يفطر إلا إذا أرهقهم الصيام أو عاقهم عن العمل فلهم حينئذ أن يفطروا.


2- الحــامل والمرضع :

قال الله تعالى:

{…وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ …} البقرة 184

وجاء في الحديث الصحيح:

” إنَّ اللهَ وضعَ عنِ المسافرِ نصفَ الصلاةِ والصومِ ، وعن الحبلى ، والمرضعِ”.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي

الحامل والمرضع عليهما أن يصوما إلا إذا خافتا على أنفسهما أو على الجنين أو الرضيع، ويكفي لمعرفة ذلك غلبة الظن، أو يُعرف بالتجربة ، أو بإخبار طبيب مسلم ثقة، عندئذ يرخص لهم في الافطار.

وليس هناك خلاف في أن  الحامل والمرضع إن خافت على نفسها أو جنينها أو رضيعها الهلاك فلها أن تفطر، ولكن خلاف في ما إذا كان عليها القضاء ام الفدية ام كلاهما.

ويقول د. يوسف القرضاوي عليه رحمة الله:

(( والذي أرجحه هو الأخذ بمذهب ابن عمر وابن عباس في شأن المرأة التي يتوالى عليها الحمل والإرضاع، وتكاد تكون في رمضان، إما حاملًا، وإما مرضعًا، وهكذا كان كثير من النساء في الأزمنة الماضية، فمن الرحمة بمثل هذه المرأة ألا تكلف القضاء وتكتفي بالفدية، وفي هذا خير للمساكين وأهل الحاجة،أما المرأة التي تتباعد فترات حملها، كما هو الشأن في معظم نساء زمننا في معظم المجتمعات الإسلامية، وخصوصًا في المدن. والتي قد لا تعاني الحمل والإرضاع، في حياتها إلا مرتين أو ثلاثًا، فالأرجح أن تقضي كما هو رأي الجمهور، إذ الحكم مبني على مراعاة التخفيف، ورفع المشقة الزائدة، فإذا لم توجد ارتفع الحكم معها، إذ الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا)).

والإمام ابن باز عليه رحمة الله:

(( هذه المسألة مسألة خلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من قال: إن عليهما الفدية فقط، ولهما أن تفطرا؛ لأن الحمل قد يتتابع، ورمضان قد يتتابع، فلا يكون عندهما فرصة للقضاء، وهذا مروي عن ابن عباس وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قاله جماعة من السلف. والقول الثاني: أنهما كالمريض إن شق عليهما الصيام أفطرتا وقضتا، فإن لم يشق عليهما صامتا، وهذا القول هو الأرجح وهو الأقوى دليلًا، وهو الذي جاء فيه الحديث الصحيح عن أنس بن مالك الكعبي ، غير أنس بن مالك الأنصاري أن الرسول قال: ” إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع الصوم” )).

فائدة:

والإطعام في هذه الحالة يكون على من يلزمه نفقة الحامل أو المرضع التي افطرت سواء كان زوجها أو أبوها، وليس عليها هي إلا أن تكون هي التي تعول نفسها.


الفدية:

هي أن يُطعم المُفطر ( أو وليه كالزوج في حال إن أفطرت المرأة وهي حامل أو مرضع) ممن تجب عليه الفدية عن كل يوم أفطره مسكيناً.

والإطعام يكون وجبتين مشبعتين عن كل يوم أفطره، والمستحب أن يصنع الطعام ويدعوا اليه أحد المساكين أو يذهب به اليه، أو ان يحضر الطعام بدون تجهيز ويعطيه لمن يرى انه مسكين ( واحد أو اكثر)، واجاز البعض اعطاء قيمة الطعام نقداً لأحد الجمعيات الخيرية وتتولى هي توزيع الطعام على أن يُعلمهم عند اخراج المال أن ذلك فدية عجزه عن الصوم.