مكانة الدعاء

إن الله سبحانه وتعالى أمر عباده أن يدعوه، وجاء في محكم كتابه العديد من الآيات تأمر بذلك، فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة، وأن ترك الدعاء يُعد استكبار على المولى عز وجل يوجب دخول جهنم.

قال الله سبحانه وتعالى:

{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }، دَاخِرِينَ= اذلة صاغرين.  [غافر:60]

{ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف:55]

{قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77]

{قُلْ أَمَرَ رَبّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29].{قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا }.الإسراء – 110

وقال صلى الله عليه وسلم:

” يُحشَرُ المتَكَبِّرونَ يومَ القيامةِ أمثالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجالِ يغشاهمُ الذُّلُّ من كلِّ مَكانٍ ، يُساقونَ إلى سجنٍ في جَهَنَّمَ يسمَّى بولُسَ تعلوهُم نارُ الأَنْيارِ يَسقونَ من عُصارةِ أَهْلِ النَّارِ طينةَ الخبالِ”.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي 

” إنَّ الدُّعاءَ هوَ العبادةُ ثمَّ قرأَ: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}”.
الراوي : النعمان بن بشير | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه 

” ليسَ شيءٌ أكرمَ علَى اللهِ من الدُّعاءِ “.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 1629 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه الترمذي (3370)، وابن ماجه (3829)، وأحمد (8748) 

” مَن لم يسألِ اللهَ يغضبْ علَيهِ”. قال الشوكاني تعليقاً على هذا الحديث: في الحديث دليل على أن الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات، وأعظم المفروضات؛ لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبه” – تحفة الذاكرين (ص31)
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي

” الدعاءُ سلاحُ المؤمنِ ، وعمادُ الدينِ ، ونورُ السمواتِ والأرضِ”.
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الذهبي | المصدر : ميزان الاعتدال 

ومن أقوال العلماء:

ذهب علماء أهل السنَّة والجماعة الى أن الدعاء واجبٌ على كل مسلم، ولا يستجاب منه إلاّ ما وافق القضاء. فقد أمر الله تعالى به، وحضَّ عليه، فقال سبحانه: {ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].

وقال المناوي:((أن تارك السؤال إما قانط وإما متكبر، وكل واحد من الأمرين موجب الغضب)).

ونقل عن ابن القيم قوله: (( هذا يدل على أن رضاه في مسألته وطاعته، وإذا رضي الرب تعالى فكل خير في رضاه، كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه… فهو تعالى يغضب على من لم يسأله، كما أن الآدمي يغضب على من يسأله)) – فيض القدير (3/12).

وقال المباركفوري: (( إن ترك السؤال تكبر واستغناء وهذا لا يجوز للعبد)).

ونقل عن الطيبي قوله: ((وذلك لأن الله يحب أن يسأل من فضله، فمن لم يسأل الله يبغضه، والمبغوض مغضوب عليه لا محالة)) – تحفة الأحوذي (9/221).

وإذا تأملت في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن الدعاء هو العبادة “، وقوله :” الحج عرفة”، فبين ذلك أن الدعاء هو اهم اركان العبودية لله وبدونه لاتتحقق عبودية العبد لله تماماً كما لايتحقق الحج اذا لم يأتي الحاج بركن الوقوف بعرفة مع أن للحج أركان أخرى كالإحرام والطواف والسعي و ورمي الجمار وغير ذلك من مناسك الحج.

واذا بحثت في الأمر بعمق بدا لك ماهو أعجب من ذلك فالحج هو العبادة الوحيدة التي إن اتى بها المسلم على الوجه التام الكامل وقبلها الله تعالى منه فإن الجزاء هو الجنة كما قال : “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” ولايكون ذلك إلا بغفران كل الذنوب ، ولما كان الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم كما قال :” الحج عرفة”، وكما هو معلوم أن عمل الحاج في يوم عرفه هو الدعاء حتى ان الحاج يجمع العصر الى الظهر جمع تقديم في وقت الظهر وذلك ليتفرغ باقي اليوم حتى الغروب للدعاء والدعاء فقط ، ولعل هذا يبين اهمية ومكانة عبادة الدعاء عند الله تعالى.