حكم تارك الصلاة

حكم تارك الصلاة

مختصر أقوال أهل العلم في أمر تارك الصلاة على النحو التالي:

أولاً: من ترك الصلاة جاحداً مُنكِراً لوجوبها:

لم يختلف العلماء على كفر من ترك الصلاة جاحدا او مشككا في فرضيتها سواء بشكل عام او خاص كأن يُسقط فرضيتها فى زمن معين أو عن شخص او اشخاص معينين، او فى ظروف معينه، وذلك بإستثناء ما ذكرناه سابقا من سقوط فرضيتها عن الحائض، والنفساء، ومن لم يبلغ الحلم، وكذا من ذهب عقله.

ثانياً: من تركها تهاوناً أو تكاسلاً غير جاحدٍ لها:

فقد اختلف العلماء فى حكم من ترك الصلاة مع إقراره بوجوبها، فذهب كثير من العلماء الى انه يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل كافراً. وقد ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، وأنما يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولكن يقتل حدا ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة، وعن عبدالله بن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، ‏وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين ‏رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ‏ومرتد، وذهب فريق منهم الى انه يفسق- والله اعلم -.

وقد وردت ادلة عديدة فى القرآن الكريم والسنة النبوية تبين هذا الحكم.

قال الله تعالى :

﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾ مريم59 ، { غَيّاً } هو وادي من أودية جهنم ، وهذا وعيد الله لمن تهاون في امر الصلاة.

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ النساء142 .

﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ التوبة54.

وقال رسول الله :

” بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ”.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

” العَهدُ الَّذي بيننا وبينَهمُ الصَّلاةُ , فمن ترَكَها فقد كفرَ”.
الراوي :بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى

” أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ المكتوبَةُ، فإنْ أَتَمَّها وإِلَّا قيل: انظُروا هل لهُ من تَطَوُّعٍ ؟ فَأُكمِلَتِ الفريضةُ [ من تَطَوُّعِهِ ] َإنْ لمْ تكملِ الفريضةُ ولمْ يكنْ لهُ تَطَوُّعٌ أُخِذَ بِطَرَفَيْهِ فَقُذِفَ بهِ في النارِ”.
الراوي : زرارة بن أوفى | المحدث : الألباني | المصدر : الإيمان لابن أبي شيبة


من ذلك يتبين أن من ترك الصلاة مع إقراره بوجوبها، فإن أخف اقوال العلماء فيه انه فاسق فأى مسلم بحق يرضى لنفسه أن يكون حكم الله فيه انه فاسق ؟، وأى أب ذلك الذى يرضى لابنائه ان يكونوا فسقة ؟، وأى رجل ذا الذى يزوج ابنته أو أخته لفاسق؟ ، وأى رجل ذلك الذى يرضى أن يتزوج بإمرأة فاسقة تكون بعد ذلك أُما لاولاده ؟، وأى مسلم عاقل ذلك الذى يشارك فاسق فى عمل او شراكة، وأي خير من الله ينتظره فاسق؟……….الخ. وهذا هو اقل أقوال اهل العلم للمتهاون في أمر الصلاة.

ونحن إذ نظرنا في اركان الإسلام وجدنا أن الصلاة تأتى مباشرة بعد شهادة ألا إله الا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن باقى الأركان من صيام وزكاة وحج، أورد الله تعالى اعذارا مقبولة لتركها (مع الاقرار بها) فقد أباح الله الفطر لمن كان على سفر وللمريض و بعض أصحاب الأعمال الشاقة بضوابط وقيود وكفارات ذكرها العلماء- ليس هنا مجال التفصيل فى ذلك- ولكنه لم يُبح لأحد هؤلاء ترك الصلاة. وكذلك الزكاة فمن ليس لديه ما يستحق الزكاة ولم يبلغ ماله النصاب طوال حياته فلا إثم عليه مطلقا إن عاش عمره كله ولم يزكِ لأنه ليس لديه ما يُزكى عنه، وكذلك الحج من لم يستطع اليه سبيلا طوال حياته فلا إثم عليه إن لم يأتِ به، ولكنه لا يُعذر ابدا فى ترك الصلاة فهي لا تسقط لا عن المريض ولا عن المسافر، ولا عن المحارب، ولا الفقير ولا الغني، ولا عن أصحاب الأعمال الشاقة ….الخ.

وتدبر معى قول ابن القيم رحمة الله عليه: ( تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو عمله أو رياسته أو تجارته. فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون، ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغلته عنها رياسته ووزارته فهو مع هامان، ومن شغلته عنها تجارته فهو مع أبَيِّ بن خلف) . فهل تعلم اين قارون؟ واين فرعون؟ واين هامان ؟ وأين أبَيِّ بن خلف؟ واين سينتهى بهم المآل يوم الحساب؟.

فيا من كنت مفرطاً فى الصلاة غير محافظ عليها، قبل أن يدركك الموت وأنت على ذلك، قم الان شمر عن ساعديك، مستعينا بالله الواحد الأحد مستعيذا به من الشيطان الرجيم، تائبا نادما على ما فرطت فى حق الله عازما على الا تترك فرضا ابداً بعد الان، قم وتوضأ وابدأ عهدك مع الله من الان ولا تسوف فما ذلك التسويف فى التوبة إلا من الشيطان.

وعليك أن تعلم ايضا أن للصلاة احكام وهيئة شرعها الله سبحانه وتعالى وعلمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاتصح إلا بها، قال “صلوا كما رأيتمونى اصلى” فتعلم كيفة صلاة رسول الله ، وكيف كان يعلم اصحابه الصلاة وكيف كانوا يصلون عليهم رضوان الله جميعا ولاتتهاون فى هذا ابدا، واعلم ان هذا فرض عين على كل مسلم ومسلمه، وعليك ايضا ان تسعى بين اهلك وإخوانك واصدقاءك تعلمهم وتبلغهم ما بلغك ولاتكتم علما ابدا فإن ذلك إثم كبير.