المعصية بين اللذة العاجلة والعقوبة الآجلة

 

  • الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
    إن للذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله، وقد استفاض الإمام ابن قيم الجوزية عليه رحمة الله في تفصيل ذلك في كتابه ” الداء والدواء” ومن تلك الآثار:

من آثار الذنوب والمعاصي:

  • حرمان العلم: فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور. لما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه، فقال إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية.
    وفي مثل ذلك قال الشافعي رحمه الله:
    شكوت الى وكيع سوء حفظي فأرشدني الى ترك المعاصي
    وقال اعلم بأن العلم فضــل وفضل الله لا يؤتاه عـاصي
  • حرمان الرزق: وقد ورد في مُسند الإمام أحمد: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه). وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق، فترك التقوى مجلبة للفقر، وما استجلب المرء الرزق بشئ مثل ترك المعاصي.
  • وحشة في القلب: يجد العاصي في قلبه وحشة وجفاء بينه وبين الله لا توانها ولاتقاربها لذة ولو اجتمعت له لذات الدنيا كلها فإنها لا تأخذه من تلك الوحشة، ولكن لايشعر بذلك إلا من كان في قلبه حياة، وشكا رجل الى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه فقال له:
    إذا كنت قد اوحشتك الذنـوب فدعها إذا شئت واستأنس
    وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على المذنب.
  • وحشة بينه وبين أهل الخير والصلاح: فيجد العاصي وحشة بينه وبين أهل الخير، كلما قويت تلك الوحشة بعُد منهم ومن مجالستهم، وبالتالي حُرم بركة الإنتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده واقاربه وتزداد حتى يستوحش من نفسه.
    وقال بعض السلف: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلق دابتي وامرأتي.

…………يستكمل